- مقدمة :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة
فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق
فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر
بصيامه ( رواه البخاري )

إلا أنه لما فرض رمضان في السنة الثانية نُسِخَ وجوب صوم عاشوراء، وصار
مستحباً، فلم يقع الأمر بصيامه إلا سنة واحدة، والدليل على ذلك من السنة
النبوية كما ورد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانُوا
يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا
تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ
فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ"


يوم عاشوراء لهذا العام هو الخميس الموافق 16 ديسمبر 2010
و يوم تاسوعاء هو يوم الأربعاء 15 ديسمبر 2010

- قبل الفضائل . . . لا بدّ من وقفةٍ مع الحدث :

لا شك أن يوم هلكة الظالمين يوم عيد!!
ولا بد لنا أن نتساءل: لماذا هذا الاهتمام الكبير والاحتفال المهيب بيوم عاشوراء؟!

إن العبرة الواضحة، والهدف الجليّ لهذا الأمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم يريد ألاَّ تمر هذه الذكرى على أذهان المسلمين دون تدبر وفهم؛ إنه
أراد لنا أن نجلس لدراسة هذا الحدث ولو مرة في كل عام؛ ذلك أن الحدث ضخم
والعبرة عميقة.

لقد مرَّ على بني إسرائيل زمانٌ شعر فيه الكثيرون أن النصر بعيد، وأن الأمل
يكاد يكون مفقودًا في تغيير الواقع، وأن فرعون سيظل جاثمًا على أنفاس شعبه
أبد الدهر، وأن الجنود الظالمين سيظلون في أماكنهم مهما حاول الضعفاء من
بني إسرائيل.

ثم ماذا حدث؟!

إننا جميعًا رأينا، وفهمنا، ولكن كثيرًا ما ننسى!

إننا رأينا فرعون يقود جيشه في غرور وكبر ليقتحم البحر بعد أن رأى معجزة
انشقاقه، فيهلك ويهلك معه جنده وأعوانه في لحظة واحدة؛ رأينا هذا الحدث
وفهمنا أن الله قادر على كل شيء، وأدركنا بوضوح أن الظالمين لا بد لهم من
رحيل، وأنه مهما طالت فترات حكمهم وطغيانهم فإنهم إلى زوال. وما أروع ما
قاله فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري t: "إِنَّ اللَّهَ
لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثم قرأ:
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ
أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102].

إن هذا ما كان يريد رسولنا الأكرم والأعظم أن نتذكره.

إن الأمل لا ينبغي أبدًا أن يموت في قلوبنا، فمهما مرَّ على المؤمنين من
أزمات فإنهم يخرجون منها بفضل الله وقوته، قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].

ثم إن سنة إهلاك الظالمين ليست حدثًا فريدًا حدث في أيام موسى عليه السلام
عندما هلك الطاغية المتكبر فرعون، بل حدثًا متكررًا بشكل كثيف في أحداث
الدنيا؛ وما أعمق الكلمة التي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قُتل
أبو جهل في يوم بدر عندما كبَّر، ثم قال: "هَذَا فِرْعَوْنَ هَذِهِ
الأُمَّةِ"!!

إن هذا هو المعنى الذي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إدخاله في
عقولنا، وهذا هو السبب الذي من أجله نحتفل بهذا اليوم، وهذه هي العبرة التي
يجب أن نأخذها من الحدث، ولا ينبغي لنا أن نترك وسائل الإعلام، أن تأخذنا
بعيدًا عن هذا الهدف؛ ولا ينبغي لنا أن نتركهم يعبثون بأذهاننا، وينحرفون
بغاياتنا ومبادئنا عما أراده لنا رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم .

- الآن مع فضائل شهر المحرم و يوم عاشوراء :

يوم عاشوراء لهذا العام هو الخميس الموافق 16 ديسمبر 2010
و يوم تاسوعاء هو يوم الأربعاء 15 ديسمبر 2010

قال النبي صلى الله عليه وسلم :
((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)). رواه مسلم.
فيستحب للمسلم أن يكثر من الصيام في شهر محرم فإن لم يقدر على ذلك صام ما تيسر له .

ومحرم من الأشهر الحرم قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات : ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)
رواه البخاري.

شهرالمحرم به يوم له فضيلة عظيمة , وفي نهاية عام وفي بداية آخر حبذا أن
يقدم الإنسان لنفسه توبة ناصحة ورجعة صادقة يغسل بها ما مضى ويستقبل بها ما
أتى قال تعالى :
((وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)).
- فضل صيام يوم عاشوراء :

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"...صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ
السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ
عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي
قَبْلَهُ"
أخرجه مسلم / كتاب الصيام/ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة...( رقم 1976)

يوم عاشوراء هو أفضل يوم في شهر المحرم، فيقع صيام يوم عاشوراء في منزلةٍ
تلي منزلة صوم عرفة، ذلك أنَّ صيام يوم عرفة يكفِّر سنتين، أما صيام
عاشوراء فيكفِّر سنة واحدة، وإن تكفير سنةٍ كاملةٍ لا شك في أنه خير كبير
وفضل عظيم أيضًا


- استحباب صيام اليوم التاسع :
وقد أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود والنصارى في الصيام وفي
كل شيء فما ورد في السنة عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رضى الله
عنهما- يَقُولُ حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ
عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ
يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ-
صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِع "



-ملاحظة أخيرة :
عدم الاغترار بثواب الصيام ،،،،


يغتر بعض الناس بالاعتماد على مثل صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة،
حتى يقول بعضهم: صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها،
ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر.

قال ابن القيم: "لم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجلّ
من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت
الكبائر، فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، لا يقويان على تكفير
الكبائر .


ومن المغرورين من يظن أن طاعاته أكثر من معاصيه؛
لأنه لا يحاسب نفسه على سيئاته، ولا يتفقد ذنوبه،
وإذا عمل طاعة حفظها واعتد بها،
كالذي يستغفر الله بلسانه أو يسبح الله في اليوم مئة مرة،
ثم يغتاب المسلمين ويمزق أعراضهم بما لا يرضاه الله طول نهاره،
فهذا أبداً يتأمل في فضائل التسبيحات والتهليلات،
ولا يلتفت إلى ما ورد من عقوبة المغتابين والكذّابين والنمّامين،
إلى غير ذلك من آفات اللسان، وذلك محض غرور


* * *
إذا كان حذاق التجار هم الذين يعرفون موسم كل سلعة ، وأفضل وقت لرواجها وأحسن الأحوال المضاعفة لأرباحها .

يوم عاشوراء ::عبادة المحترفين ::


ألا فإن أحذق التجار هم الذين يرغبون في نعيم لا ينفد ، ومتعة لا تنقضي وذلك لا يكون إلا في جنة عرضها السماوات والأرض ...


ولنفسي الآثمة ولهؤلاء التجار الحاذقين أقول مذكراً.. بأننا الآن في موسم وفي أيام تختلف عن مواسم وأيام أخرى كثيراً..