دعا حجاج جزائريون رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى فتح تحقيق لكشف فضائح موسم كارثي آخر لحج هذا العام، فقد نقل حجاج جزائريون ضمن الوفد 85 أرعب وأفظع المشاهد التي تسبب فيها مسؤولو البعثة، قائلين ''إنها وضعتنا ووضعت بلادنا بين أحط الأمم وأرذلها''· وذهب بعضهم إلى غاية فتح تحقيق في حالات وفيات سجلت في الأيام الثلاثة الأخيرة ''قد تكون بنسبة كبيرة بسبب إهمال شيوخ طاعنين في السن وتركهم يواجهون مصائرهم بأنفسهم''·
عبد اللطيف بلقايم
قد لا يرضى حجاج هذا العام بأي إجراء عقابي ضد مسؤولي البعثة سوى ''قطع رأس'' وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، من الحكومة أو إقالة رئيس ديوان الحج والعمرة بربارة الشيخ أو كليهما، لما شاهده وعايشه حجيجنا من مآسٍ ومشاهد يندى لها الجبين، حسب شهادات رصدناها من الفوج رقم .85
حجاج متطوعون يعوضون الأئمة المرشدين في المناسك
يقول الحاج غضبان محمد، وهو محام من ولاية الشلف، إنه لم يسبق له وأن رأى كارثة إنسانية في الخارج ''كتلك التي تعرض لها الجزائريون في مكة·· إننا بحق آخر الأمم وأرذل الأقوام، ولسنا كذلك إلا بفعل المسؤولين الجزائريين الرسميين القائمين على البعثة''، ويُضيف هذا الأخير ''إن الفوج 85 على غرار العشرات من الأفواج لم يحظ بأي تأطير، إلى درجة أنه في كثير من الأحيان لا نجد أي إمام مرشد من الذين عينتهم البعثة لإرشاد الحجاج في المناسك، فقد عوضهم حجاج متطوعون من أصحاب التجارب والخبرة وحدث ذلك في مكة والمدينة''· وقال -أيضا- إن المسؤولين لم يضمنوا حتى المرشد المُطوف خلال أداء الطواف ''رغم أن هناك اتفاقا مع السلطات السعودية على ذلك''، كما شهد على غياب تام للنقل البري للحجاج خلافا لباقي البعثات كالمغاربة والتونسيين والموريتانيين·
وكان الحاج غضبان محمد يتحدث إلينا من البقاع المقدسة وسط العشرات من الحجيج وهم يبلغونه ضرورة الإشارة إلى العديد من التجاوزات، في اتصاله الهاتفي مع ''الجزائر نيوز''· وأضاف أن ظروف الإسكان كانت رهيبة، بسبب اختيار القائمين على البعثة الفنادق غير المكلفة التي لا يلجأ إليها عادة باقي البعثات، وقال أن سلسلة فنادق المودة ومنها ''آمال مودة''، و''ريحان مودة'' و''لؤلؤة مودة'' ذات غرف ضيقة ودون تهوية كافية ودون تلفزيونات، على خلاف البعثات الأخرى، ''إذ لم نستطع حتى متابعة أخبار بلادنا والاطمئنان عليها''·
حجاج طاعنون في السن مشوا 20 كلم على الأقدام
أما عن الإطعام فقد أثار المتحدث قضية غريبة جدا حدثت مع بعض المسؤولين في منى الذين ''وعوض تقديم وجبات ساخنة وجديرة بإنتاج كربوهيدرات وحريرات من أجل استعادة القوى بسبب الإرهاق، كما يحصل دوما مع البعثات الأخرى، رأينا مسؤولين في البعثة يوزعون علينا هبات غذائية سعودية بدل وجبات جديرة باسمها، وذلك خلافا لما كان متفقا عليه ولا ندري كيف تم الاستيلاء عليها من قبلهم''· وقدر الحجاج تلك الهبات التي يُفترض أن تكون إضافية على ما يقدمه المسؤولون للبعثة، بعشرات العلب التي تحتوي البسكويت والعصير، وهو ما فتح المجال أمامهم لطرح تساؤلات عديدة حول مصير ميزانية الإطعام·
أما ميزانية النقل فقد جاء التساؤل عن مصيرها على لسان الحاج حميد ·ع وهو أحد الشباب المتزوجين حديثا، وطار إلى أداء ركن الإسلام لأول مرة في حياته، إذ يقول ''رغم أن الدولة اعتمدت على الوكالات العمومية لإنجاح موسم الحج إلا أن ذلك انعكس في النهاية سلبا على الأوضاع في البقاع المقدسة، أنه موسم فاشل على طول الخط''·
ويُضيف ''لقد كان النقل النقطة السوداء الكبيرة هذا العام، فلقد أهملوا حجاجا طاعنين في السن ومنهم من مشى أكثر من 20 كيلومترا على الأقدام''· وأردف حميد ·ع أن الجزائريين اضطروا إلى إخراج مصاريف إضافية من ميزانياتهم الخاصة من أجل التنقل، رغم أن ذلك كان متضمنا في القيمة الإجمالية للحج''·
ويقول حاج آخر اسمه حاج ميلود مصنوعة، ''إن الكارثة والطامة الكبرى التي عشناها جميعا كانت أثناء الشروع في أداء المناسك، فما ورد إلينا من أخبار بثت عبر الشاشات كانت تضليلية ومغلوطة مائة بالمائة''، ولقد اضطر الجزائريون ـ وبإمكانكم استجوابهم خلال رحلات العودة ـ إلى تأجير ناقلين غير مرخصين اغتنموا الفرصة وخسر الجزائريون أموالا لم يكونوا ليخسروها لولا إهمال المسؤولين لهم''·
''أما ما يندى له الجبين، فهي صورة تلك الجزائريين وهم يبحثون عن الكرتون ويفترشون الأرض وسط المزابل في منى ويحظون بشفقات البعثات الأخرى من دول العالم''، ويزيد ''هل يُعقل أن يُسكننا هؤلاء في مخيم يتسع إلى 240 حاج، ونحن 1200 حاج، لقد اضطرونا إلى اقتسام ثماني دورات للمياه نساء ورجالا وتسببوا في تراجع كثيرين عن التحرك إلى مواقع هامة بسبب غياب النقل وسقوط الحجاج في حالات إرهاق وتعب شديد، وذلك خلال الأيام الأخيرة للحج بين منى وعرفة، وهو ما ينبغي التحقيق فيه بدقة كونها فترة عرفت ارتفاعا في عدد الوفيات وقد تكون بنسبة كبيرة جراء ما تعرض له الحجاج من مآسٍ تسبب فيها مسؤولو البعثة الذين تكفلوا فقط بالمسؤولين السامين في الدولة والذين أقاموا في بروج مكة والمدينة''·
----------------------------------------------------------
بربارة يعترف بالفوضى في إسكان الحجيج وإقامتهم
ي· ر
أعلنت البعثة الجزائرية للحج أنه تم تسجيل 16 حالة وفاة وسط الحجاج الجزائريين بالبقاع المقدسة إلى غاية نهار أمس الجمعة، معتبرة أن الرقم تراجع مقارنة بموسم الحاج الماضي·
وأوضح رئيس ديوان الحج، ورئيس البعثة الشيخ بربارة، أن من بين 16 حالة وفاة ثلاثة منها من الرعايا الجزائريين المقيمين بالخارج، كما أنه سجلت 8 حالات أثناء أداء مناسك الحج بكل من عرفة ومنى والمزدلفة، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، مضيفا أن كل حالات الوفاة كانت نتيجة للأمراض المزمنة وليست لها علاقة بالتدافع والازدحام الذي وقع أثناء التنقل من عرفة إلى منى·
وفيما يخص الاكتظاظ داخل المخيمات الجزائرية بمنى، أوضح بربارة أنه حصل بسبب اقتحام الحجاج الأحرار للمخيمات، مشيرا من جهة أخرى إلى أن مشكلة الإسكان تبقى نقطة سوداء إلى أمد بعيد ومطروحة بحدة بسبب الحيز المكاني الضيق الذي لا يمكنه استيعاب أكثر من مليون ونصف حاج حسب السلطات السعودية·
كما أكد بربارة أن تعليمات صارمة قد أعطيت لعدم خروج الحجاج الجزائريين بواسطة الحافلات من مكان رمي الجمرات إلى مكة المكرمة، مما أدى إلى وقوع أحداث مؤسفة نتيجة الأمطار الغزيرة التي سقطت بأماكن الشعائر الدينية ومكة المكرمة·
وبخصوص حالة التدافع التي سجلت خلال هذا الموسم، أشار بربارة إلى أن هذه الحالة ''لم تحصل منذ 1982 ووقعت بسبب العدد الهائل من الحجاج الذي فاق 4 ملايين''·
هذا، وستكون أول رحلة لعودة الحجاج يوم 21 نوفمبر الجاري، في الوقت الذي يتجه حجاج آخرون نحو المدينة المنورة لأداء الزيارات قبل العودة إلى أرض الوطن·
للإشارة، فقد سجلت السنة الماضية في مثل هذا الوقت 19 حالة وفاة وسط الحجاج الجزائريين·
----------------------------------------------------------
رغم كل هؤلاء أهين الحاج
مهدي براشد
مرة أخرى يتبين للجزائريين أن القائمين على شؤوننا لا يهمهم من أمرنا شيء، حتى وإن كان الأمر يتعلق بنسكنا في مكان له من القدسية ما يفترض عليهم أن يتقوا الله فينا، خاصة إذا كانوا قد تنقلوا هم كذلك إلى هذا المكان·
الحج بالنسبة إلى الجزائريين الذين إن كان لهم حظ في القرعة، مغامرة مفتوحة على كل الاحتمالات في كل محطاتها· يمكنك أن تخرج في القرعة ولا تتحصل على جواز سفر، ويمكن أن تتعدى هذه المرحلة، لكنك تتفاجأ برفع الشركة الوطنية للخطوط الجوية الجزائرية لأسعار رحلاتها، أو ربما تهرب عنك الطائرة· ربما تركب الطائرة، ولأنك طاعن في السن، لن تجد أحدا إلى جنبك عند وصولك المدينة المنورة أو جدة· ربما تصل، لكنك لن تجد مسكنك، وتضطر للمبيت في العراء تحت الجسور متكئا على أحد الأعمدة الكهربائية، مفترشا لباس إحرامك وقطعة من كارطون ألقت بها إحدى الجمعيات الخيرية السعودية ولم يحتجها حاج باكستاني· وربما تجد المسكن لكنك لن تكون لوحدك فتضطر لمغادرته، لأنك لم تظفر بمكان فيه لاكتظاظه· ربما تجد المكان ولكن عليك أن تدعو الله أن تصاب بإمساك شديد، لأن المراحيض منعدمة في المخيم، ولا ضوء لديك حتى تستعين على الهم بقراءة القرآن· وحتى إن وجدت ذلك، فلا داعي لأن ترقص فرحا، لأنه يمكنك في آخر لحظة أن تجد نفسك مضطرا إلى عدم أداء جزء أو مرحلة من مناسكك، لأن النقل غير متوفر·
تنقل إلى البقاع المقدسة مسؤولون كثيرون، معاليه وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله والمدير العام للديوان الوطني للحج والعمرة السيد بربارة الشيخ ومعه رئيس البعثة الجزائرية للحج ومعه 800 شخص من أعضائها، والنائب الأول للوزير الأول نور الدين يزيد زرهوني ووزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية في المجلس الشعبي الوطني·
ووزير الدولة السابق ورئيس ثالث أحزاب الائتلاف الرئاسي حركة مجتمع السلم الحزب الإسلامي الشيخ أبو جرة سلطاني، ومعاليه وزير التكوين المهني الهادي خالدي ومعاليه أيضا الوزير بن بادة والمدير العام للأمن الوطني اللواء الهامل والمدير العام للحماية المدنية لهبيري، تنقل نواب وبرلمانيون وحتى رئيس الفاف الحاج محمد روراوة كان هناك في الحج، ومسؤولون آخرون لم نسمع عنهم، كل هؤلاء ولم يمنعوا الإهانة عن 36 ألف حاج فقط·