سيجعل كأس العالم لكرة القدم عام 2022 من قطر البلد الصغير محط الأنظار لكنها قبل ذلك ستكون بحاجة لكثير من العمل لتؤكد أحقية التفوق على بلاد أكبر حجما وتاريخا.
وأمس الخميس منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قطر حق استضافة نهائيات كأس العالم لتصبح البلد العربي لأول الذي يستضيف أكبر أحداث كرة القدم على وجه الإطلاق.
لكن الفوز لم يتحقق إلا بعد جولة رابعة من التصويت في اجتماع للجنة التنفيذية للفيفا في زوريخ ليتفوق العرض القطري على عرض الولايات المتحدة وبفارق ستة أصوات كاملة بعد حصول قطر على أصوات 14 من أعضاء اللجنة وعددهم 22.
وستبقى الولايات المتحدة ومعها عروض أخرى هزمتها قطر وهي استراليا وكوريا الجنوبية واليابان تلعق جراح الهزيمة وربما تلوم الفيفا الذي شوهت صورته اتهامات فساد وجهتها له وسائل إعلام بريطانية بينما ستنهي قطر الاحتفالات سريعا لتبدأ العمل وما أكبره.
وقال الشيخ محمد بن حمد ال ثاني رئيس ملف قطر موجها حديثه لاعضاء اللجنة التنفيذية للفيفا "نشكركم على مساندتنا في نشر اللعبة. ستفخرون بنا وستفخرون بالشرق الاوسط."
وقالت قطر إنها ستنفق نحو ثلاثة مليارات دولار لتشييد تسعة استادات جديدة وتطوير ثلاثة استادات أخرى لكن خططا لتكييف كل الاستادات وملاعب التدريب ومناطق المشجعين ومشاريع طموحة لتحديث البنية التحتية للبلاد بخط لقطارات المترو تثير الاهتمام.
وسيجعل خط المترو المقترح أطول مسافة قد يقطعها مشجع بين استادين لا تزيد عن ساعة واحدة وهي رفاهية قد لا يحلم بها عشاق اللعبة في بلدان أكبر حجما لا غنى فيها عن السفر بالطائرات.
والواقع أن المال لن يسبب مشكلة بالنسبة لقطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم والتي يتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 21 بالمئة في 2011 في وقت يعاني فيه العالم من آثار أزمة اقتصادية لا تزال تطحن عظام دوله الكبيرة منها والصغيرة.
ولا خلاف على أن المال ليس كل شيء حين يتعلق الأمر باستضافة كأس العالم فهناك عوامل أخرى حيوية لا يمكن تجاهلها.
وسبقت شكوك كبيرة استضافة جنوب افريقيا لنهائيات كأس العالم 2010 بسبب مخاوف من فشلها في إكمال منشآت البطولة في الوقت المناسب وقدرتها على ضبط الأمن في بلد فيه واحد من أعلى معدلات الجريمة في العالم.
لكن الأمن لن يكون محل شك بالنسبة لقطر مثل كل دول الخليج رغم وجودها في محيط إقليمي متوتر.
فمعدلات الجريمة منخفضة في قطر البلد الذي يسكنه مليونا شخص نصفهم تقريبا من الأجانب.
وفي قطر شعب ودود ومضياف كباقي دول المنطقة لكنها تملك إرثا كبيرا من استضافة البطولات الرياضية بعد أن نظمت كأس العالم للشباب وبطولات عالمية في التنس وكرة اليد والكرة الطائرة.
لكن سيبقى أمام قطر تحد مهم يتمثل في تطوير مستوى منتخبها الوطني الذي لم يسبق له التأهل لنهائيات كأس العالم.
وتستعد قطر لاستضافة نهائيات كأس اسيا في يناير كانون الثاني المقبل لكن قدرة فريقها على المنافسة محل شك بعد أن خرج من الدور الأول في كأس الخليج باليمن مؤخرا.
وفي قطر مسابقة دوري محترفين عالية المستوى تستقطب نجوما عالميين من عينة البرازيلي جونينيو بعد أن نافس فيها قبل ذلك بيب جوارديولا مدرب برشلونة والنجمان الهولنديان فرانك ورونالد دي بوير والمهاجم الارجنتيني السابق جابرييل باتيستوتا.
لكن لا يوجد في قطر سوى 18 ناديا محترفا وعددا من أندية الناشئين وتحتل المركز 113 في تصنيف الفيفا للمنتخبات العالمية.
غير أن القطريين يعولون على قدرتهم على إبهار الضيوف بمزيج من السحر العربي التقليدي والتنظيم المتقن - وهو أمر شهد به اتحاد لاعبي التنس المحترفات الذي احتضنت قطر بطولته الختامية لثلاثة مواسم متتالية - من أجل إثبات خطأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي قال عقب هزيمة بلاده إن "الفيفا أخطأ بمنح حق تنظيم كأس العالم 2022 الى قطر وليس الولايات المتحدة."