اندلعت أمس، بالعاصمة الليبية طرابلس، مواجهات مسلحة عنيفة بين عناصر موالية للثوار والمجلس الانتقالي وأخرى موالية للقذافي، استجابت لنداء الثورة المضادة الذي أطلقته كتائب موالية للقذافي منذ أيام، فيما أضرم موالون للقذافي النار في عدد غير محدود من مقرات المجلس الانتقالي الليبي.
ومثلما انفردت بنشره ''النهار'' الأسبوع الماضي، بشأن الثورة المضادة لإعادة نظام القذافي إلى طرابلس، تفجرت من جديد أمس، الأوضاع داخل العاصمة الليبية وسط ضبابية وتعتيم إعلامي من جانب كبرى أجهزة الإعلام العالمية المعروفة بموالاتها لمعارضي القذافي. ورغم التعتيم والتكتم، غير أن صوت دوي الانفجارات والاشتباكات الضارية التي جرت في عدد كبير من أحياء طرابلس، كسرت جدار الصمت، وطرحت أسئلة حول حقيقة سيطرة الثوار على الوضع في كامل التراب الليبي ما داموا عاجزين عن السيطرة على العاصمة طرابلس. البداية كانت أمس من حي أبو سليم، عندما خرج المئات من الليبيين في مظاهرة تنادي بعودة القذافي لحكم ليبيا وترفع شعارات معادية للثوار، قبل أن تحاول مجموعات مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الليبي قمع المظاهرة، لتنشب مواجهات مسلحة متقطعة بين مسلحين كانوا ضمن المتظاهرين بصدد حمايتهم وبين عناصر الثوار. وسرعان ما امتد لهيب الاحتجاجات والمظاهرات والاشتباكات إلى مناطق أخرى مجاورة داخل طرابلس، نقلها مناصرون للقذافي ظهروا بشكل مفاجئ داخل طرابلس، وكأنهم أشباح، حيث سمع دوي إطلاق قذائف صاروخية وإطلاق نار من أسلحة ثقيلة بعد صلاة الجمعة في أحياء عديدة منها حي الهضبة الخضراء، منطقة المطار، حي ناصر، وصولا إلى الساحة الخضراء ومنطقة باب العزيزية، حي دمشق وحي غوط الشعال، أين رفعت الرايات الخضراء. وفي التفاصيل، قالت آخر الأنباء الواردة من طرابلس، إن أتباع القذافي تمكنوا من إسقاط طائرة مروحية من طراز أباتشي كانت تحاول قمع الاحتجاجات عبر الجو، ليسقط حطام الطائرة في منطقة بباب العزيزية، قبل أن تتبنى مجموعات مسلحة موالية للقذافي العملية وتعلن عزمها نشر شريط فيديو يظهر عملية الهجوم على المروحية وإسقاطها. كما قامت مجموعة مسلحة أخرى من أنصار القذافي بإطلاق صواريخ مضادة للدروع على أهداف متنوعة للثوار بينما لجأ مقاتلو المجلس الانتقالي للاستنجاد بقوات الناتو للتحكم في الوضع.
وفي منطقة أبو سليم المعروفة بكونها العصب النابض داخل طرابلس ومعقل أتباع وأنصار القذافي، سيطر مناهضو الثوار على مسجد مالك بن انس، فيما فر الثوار من منطقة أبو سليم نحو منطقة الأكواخ للاحتماء من كثافة النيران والقناصة.
بعد ذلك، اندلعت سلسلة حرائق متتالية في مقرات تابعة للمجلس الانتقالي، وأخرى يستغلها أفراد مسلحون تابعون لقوات الثوار. ووسط غياب الأنباء عن وقوع قتلى أو جرحى، كان الاعتقاد السائد مساء أمس أن الوضع داخل طرابلس بات خارجا عن السيطرة الكاملة لقوات الانتقالي. ولم يختلف الوضع كثيرا في مدن ليبية أخرى عن الوضع في طرابلس، حيث رفعت الأعلام الخضراء التي ترمز لنظام القذافي فوق عدد كبير من المبني في مدن مسلاتة، رشفانة، الخمس، تاجوراء. على الجبهة في مدينة سرت، اضطرت قوات المجلس الانتقالي للانسحاب من مناطق سيرطت عليها في وقت سابق، بعد هجوم مضاد من قوات القذافي، ومقاومة شرسة أبدوها، مما دفع مسؤولين في قوات الثوار إلى اتخاذ قرار بإعادة تجميع قواتهم والتحضير لهجوم جديد بخطط جديدة.