أ.زبيري حسين
جامعة الجلفة / الجزائر
تمهيــد
رأى الباحثون في العلوم الاجتماعية- و خاصة بعد انفجار الاحتجاجات التي عرفتها نهاية الستينات في فرنسا– أن الجماعات التي ظهرت في وقت حديث تختلف من وجوه متعددة عن الحركات الاجتماعية القديمة. و قد طرح في ذلك كل من أوف OFFEعام81-1985 ، و توران 1978-1984 و من طرف مؤرخ للفكر NEVEUعام 2002 ثلاث أبعاد في هذا التمايز:” أولا نجد في الحركات الاجتماعية الجديدة خصوصيات هيكلية: حيت تسلسل هرمي هش، غياب التباين بين الزعيم و باقي الأعضاء، و مطاطية في العمل ، و ذلك أن هذه الجماعات لا تعمل و فق نموذج اليموقراطية التمثيلة-الثقيل-، فهذه الحركات الجديدة, و كأمر ثاني تعتبر حاملة لمطالب مختلفة،و هي مطالب مرتبطة بالهوية من طرف فئات اجتماعية( المرأة، المهاجرون…)،و مطالب مرتبطة بنمط الحياة( anti-consumerism)،و الحركات الاجتماعية الجديدة تربط علاقات مع السلطة فهي لاتعارض السلطة و تريد مراقبتها، و هي تميل إلى بناء مساحات من الاستقلالية و الحرية”، و قد نجد تتطابق هذه المواصفات كثيرا مع بعض الأشكال الاجتماعية ، و هي مختلفة اختلافا جذريا عن سابقتا من خلال مبدأ عملها أو طرق تنظيمها و محتوى نشاطاتها .
و يظهر قبل الغوص في الخطاب ، أنه من الضروري أن نقف وقفة قطيعة مع ما هو وارد في الحقل المعرفي عما جاء في مفهوم الحركات الاجتماعية و إن كان ما جاء في هذا الخطاب من امتدادات يمكننا من إيجاد بعض من مؤشرات للتدليل عليه على أساس أن الحركة الاجتماعية هي أساسا امتداد طبيعي للديناميكية الاجتماعية عبر فترات زمنية متعاقبة و متراكمة في المجتمع.
حول مفهوم الحركات الاجتماعية
عند تحديدنا للمفهوم تجنبنا سيطرة التصنيفات بناء على محددات للتعريف مستعارة من سياقات تختلف عن سياقات المجتمع الجزائري و المجتمعات العربية، حيث أن التماهي في التعاريف و استعمالات المفاهيم التي نشأت هي أصلا في بيئة مخالفة لبيئتنا بالنظر إلى الخصوصيات التطور الذي عرفته هذه الحركات ، من شأنه أن يشوه الواقع الذي نريد دراسته.. وعلى هذا فقد ركزت على بعض المعاني التي قد تشير أو تقترب إلى فهم معنى الحركات الاجتماعية من خلال عملية اسقاطية على الخصوصية المجتمعية للبلاد ، و لذلك تجدني أتبني ذلك التحفظ الذي تبناه مجموعة من الباحثين العرب حول مفهوم الحركات الاجتماعية ، في استخدام المصطلح إلى في حدود اعتبارات أساسية نذكر منها انطلاقا مما هو قائم، في محاولة فهم القوى الداخلية والفاعليات في المجتمعات العربية التي تسعى إلى التأثير في الواقع أو تشكيل المستقبل، والتعرف على عملية التنظيم الذاتي لمختلف الجماعات