|
البوعزيزي توفي الثلاثاء بعد أن حرق نفسه احتجاجا على التهميش والبطالة (الفرنسية)
|
دعت منظمة العفو الدولية (أمنستي أنترناشيونال) السلطات التونسية الجمعة إلى البدء فوراً بإجراء تحقيق واف ونزيه بالوفيات والإصابات التي وقعت خلال الاحتجاجات الشعبية التي تعيشها عدة مدن وبلدات تونسية منذ أكثر من أسبوعين، ومحاسبة المسؤولين عن الاستخدام المفرط للقوة من عناصر قوات الأمن.
في هذه الأثناء أفادت مصادر نقابية بمحافظة سليانة بالشمال الغربي، أن مواجهات عنيفة دارت ليلة أمس ومازلت مستمرة حتى الآن بين عناصر الأمن وعدد من المحتجين في مدينة مكثر، في وقت انضم فيه مدرسون للوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها أمس النقابة العامة للتعليم الثانوي.
فقد قالت المنظمة الدولية إنه يجب محاسبة المسؤولين عن "الاستخدام المفرط للقوة" من عناصر قوات الأمن خاصة وأن هذه المواجهات بين الشرطة والمحتجين -وأعنفها بمدينة منزل بوزيان- أسفرت عن سقوط قتيلين برصاص قوات الأمن بالإضافة إلى عدد من الجرحى وإلحاق أضرار مادية جسيمة.
وأمام هذا الوضع، دعت العفو الدولية السلطات السماح للتونسيين بالاحتجاج سلمياً بدون خوف، مُُدينة ما اعتبرته حملة قمع تنفذها السلطات ضد موجة الاحتجاجات.
وأضافت المنظمة أن السلطات التونسية تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام "لكن يتعين عليها ألاّ تستخدم هذا الجانب كذريعة لاستهداف الناس الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع بطريقة سلمية، وتسمح للتونسيين بالتعبير عن شكاواهم والاحتجاج بحرية".
وقالت العفو الدولية إن الرد على تظاهرات سيدي بوزيد "يدل على أن السلطات التونسية لم تتعلم الدروس من تعاملها مع تظاهرات قفصة عام 2008، ولم تحاسب أحداً على الوفيات التي وقعت في صفوف المتظاهرين، ولم تحقق وعود الفرص الاقتصادية والمساءلة".
واندلعت الشرارة الأولى لهذه الاحتجاجات في مدينة
سيدي بوزيد بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه أمام المقرّ الرسمي لمحافظة سيدي بوزيد كما انتحر شاب آخر بسبب تفشي البطالة والفساد.
" عبد الله بن يونس نحن كنقابيين، نحمل النظام مسؤولية المعالجة الأمنية التي تؤدي إلى استفزاز الناس، وتحول المظاهرات العفوية إلى انزلاقات " |
مواجهات مكثر
في هذه الأثناء، تصاعدت موجة الاحتجاجات على البطالة وتكاليف المعيشة في تونس اليوم حيث أفادت مصادر نقابية بمحافظة سليانة بالشمال الغربي، أن مواجهات دارت ليلة أمس ومازالت مستمرة حتى الآن بين عناصر الأمن وعدد من المحتجين في مدينة مكثر والذين رفعوا شعارات تطالب بحل قضية البطالة.
وفي وصفه لهذه الأحداث، قال كاتب عام النقابة الأساسية للتعليم في مكثر عبد الله بن يونس إن الوضع "خطير" حيث "اختنقت بالمدينة بالغاز الذي أطلقته قوات الأمن وامتد حتى للمساجد ودور الأطفال والمقاهي".
وتابع بن يونس "تجري حاليا مواجهات، وأنا أسمع الصراخ في الخارج وأصوات الطلقات النارية.. نحن مختنقون بالغاز المسيل للدموع".
وأضاف أن "هذه المعالجة الأمنية أسفرت عن إغماءات شديدة وحالات اختناق في وقت اعتقلت فيه الشرطة مواطنين واعتدت فيه على عدد من الأساتذة بعد الهجوم على مؤسسة تربوية".
وأشار النقابي التونسي إلى أن "المسيرات الشعبية العفوية السلمية انطلقت منذ أمس للمطالبة بالتشغيل والتنمية العادلة" منتقدا "القمع الشديد" الذي حولها إلى مواجهات عنيفة.
وقال "نحن كنقابيين، نحمل النظام مسؤولية المعالجة الأمنية التي تؤدي إلى استفزاز الناس، وتحول المظاهرات العفوية إلى انزلاقات".
ولفت في هذا الإطار إلى أن أغلب مقرات المؤسسات العمومية بمكثر تم حرقها أو تدميرها، محذرا من أن المقاربة الأمنية تقود البلاد إلى نفق مظلم.
|
المجلس الوطني لعمادة المحامين دعا للإضراب بعد أن قمع الأمن مظاهرة للمحامين (الفرنسية)
|
وقفة احتجاجية
على صعيد أخر وضمن موجة الاحتجاجات على البطالة وتكاليف المعيشة، انضم اليوم مدرسون لدعوة النقابة العامة للتعليم الثانوي التي دعت مدرسي التعليم الثانوي والتربية البدنية بجميع المؤسسات التربوية التونسية إلى وقفة احتجاجية لمدة عشرين دقيقة اليوم الجمعة.
وخلال يوم أمس، نفذ آلاف المحامين التونسيين إضرابا واسعا عن العمل في كافة المحاكم التونسية وذلك احتجاجا على قمع مظاهرة لهم في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي تضامنا مع أهالي محافظة سيدي بوزيد.
وتجمع المحامون بلباسهم المميز في بهو قصر العدالة على شارع باب بنات تحت أعين قوات الأمن التي انتشرت بكثافة دون أن تتدخل.
وقال عميد المحامين التونسيين عبد الرزاق الكيلاني لوكالة الأنباء الفرنسية "لقد استجاب لدعوة الإضراب 95% من المحامين في مجمل المحاكم".
وأضاف "تم ذلك في هدوء ولم يسجل أي حادث في الجهات أو في تونس، لقد أظهر المحامون أنهم يمكنهم أن يردوا الفعل بحكمة ومسؤولية".
|
صورة المغني التونسي حمادة بن عمر الملقب بالجنرال (الجزيرة)
|
اعتقال نشطاء
على صعيد أخر، قال المعارض التونسي سفيان الشورابي إن السلطات اعتقلت المدون التونسي عزيز عمامي، بينما أعلن أقارب مغني موسيقى الراب التونسي حمادة بن عمر أن السلطات اعتقلته أمس الخميس بعد إطلاقه أغاني تنتقد أسلوب الحكومة في التعامل مع أحداث سيدي بوزيد.وفي الوقت الذي لم يعلق مسؤولون تونسيون على الفور على الاعتقالين، قال حمدي بن عمر شقيق مغني الراب المعتقل المعروف باسم "جنرال" على فيسبوك لرويترز "حوالي ثلاثين من قوات الأمن يرتدون الزي المدني جاؤوا إلى بيتنا بصفاقس وتم اقتياد حمادة إلى مكان لا نعرفه".
وأطلق حمادة (22 عاما) أغنية بعنوان "رايس البلاد" على الإنترنت انتقد فيها بشدة تعامل الحكومة مع أحداث سيدي بوزيد، وأشار فيها إلى مشاكل يعانيها الشبان في تونس أبرزها البطالة.
وعلاقة بنفس الموضوع، احتجت منظمة "مراسلون بلا حدود" للدفاع عن حقوق الصحفيين على اعتقال أربعة مدونين على الأقل في تونس، بينما ذكرت صحيفة لو موند الفرنسية أن السلطات التونسية عرقلت دخول مراسل جرى إرساله إلى البلاد.
يشار إلى أن الاحتجاجات الاجتماعية بلغت ذروتها يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي عندما فتحت الشرطة النار على متظاهرين في مدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيد مما أدى إلى سقوط قتيلين.